فصل: قال الشريف الرضي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ} (3) مجازه: ظهر على العرش وعلا عليه، ويقال: استويت على ظهر الفرس، وعلى ظهر البيت.
{إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا} (4) وعد اللّه: منصوب لأنه مصدر في موضع {وَعْدَ اللَّهِ}، وإذا كان المصدر في موضع فعل، نصبوه كقول كعب:
تسعى الوشاة جنابيها وقيلهم ** إنّك يا ابن أبى سلمى لمقتول

يقولون حكاية عن أبى عمرو: وقيلهم منصوب لأنه في موضع {ويقولون} {وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ} (4) أي بالعدل.
{لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ} (4) كل حار فهو حميم، قال المرقّش الأصغر من بنى سعد بن مالك:
وكل يوم لها مقطرة ** فيها كباء معدّ وحميم

أي ماء حار يستحمّ به، كباء مما تكبيت به أي تبخّرت وتجمّرت سواء، وكبى منقوص: هي الكنّاسة والسّباطة والكساحة.
{جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً} (5) وصفها بالمصدر، والعرب قد تصف المؤنثة بالمصدر وتسقط الهاء، كقولهم: إنما خلقت فلانة لك عذابا وسجنا ونحو ذلك بغير الهاء.
قال: {الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا} (7) مجازه: لا يخافون ولا يخشون، وقال:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها ** وحالفها في بيت نوب عوامل

{دَعْواهُمْ فِيها} (10) أي دعاؤهم أي قولهم وكلامهم.
{وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} (10).
{لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} (11) مجازه: لفرغ ولقطع ونبذ إليهم، وقال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما ** داود أو صنع السوابغ تبّع

{دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِدًا أَوْ قائِمًا} (12) مجازه: دعانا على إحدى هذه الحالات، ومجاز {دعانا لجنبه} مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: دعانا وهو مضطجع لجنبه.
{مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا} (12) أي استمرفمضى.
{مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي} (15) أي من عند نفسى.
{وَلا أَدْراكُمْ بِهِ} (16) مجازه: ولا أفعلكم به من دريت أنا به.
{عُمُرًا} (16) أي حينا طويلا، مجازه من قولهم: مضى علينا حين من الدهر، والعمر والعمر والعمر ثلاث لغات.
{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ} (18) مجاز ما هاهنا مجاز الدين، ووقع معناها على الحجارة، وخرج كنايتها على لفظ كناية لآدميين، فقال: هؤلاء شفعاؤنا، ومثله في آية أخرى: {لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ} (21: 65)، وفى آية أخرى: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ} (12: 4) والمستعمل في الكلام: ما تنطق هذه، ورأيتهن لى ساجدات، وقال:
تمزّزتها والدّيك يدعو صباحه ** إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا

وفى آية أخرى {يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ} (27: 18) والمستعمل: أدخلن مساكنكن لا يحطمنكن سليمان.
{مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا} (21) مجاز المكر هاهنا مجاز الجحود بها والرد لها.
{قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا} (21) أي أخذا وعقوبة واستدراجا لهم.
{أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} (22) مجازه: دنوا للهلاك، ويقال: إنه محاط بك، والإدراك أي إنك مدرك فمهلك.
{فَجَعَلْناها حَصِيدًا} (24) اى مستاصلين، والحصيد من الزرع والنبات المجذوذ من أصله وهو يقع أيضًا لفظه على لفظ الجميع من الزرع والنبات فجاء في هذه الآية على معنى الجميع، وقد يقال: حصائد الزرع، اللواتى تحصد.
{وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ} (26) يرهق: أي يغشى، والقتر جميع قترة، وفى القرآن: {تَرْهَقُها قَتَرَةٌ} (80: 41)، وهو الغبار قال الأخطل:
يعلو القناطر يبنيها ويهدمها ** مسوّما فوقه الرايات والقتر

وقال [الفرزدق]:
متوّج برداء الملك يتبعه ** موج ترى فوقه الرايات والفترا

{قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا} (27) إذا أسكنت الطاء فمعناه بعضا من الليل، والجميع: أقطاع من الليل، أي ساعات من الليل، يقال: أتيته بقطع من الليل وهو في آية أخرى: {بقطع من اللّيل} (11: 81). ومن فتح الطاء فإنه يجعلها جميع قطعة والمعنيان واحد. ويجعل {مظلما} من صفة الليل وينصبها على الحال وعلى أنها نكرة وصفت به معرفة.
{هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ} (30) أي تخبر وتجد. و{تتلو} تتبع.
{لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ} (37، 38) مجاز {أم} هاهنا مجاز الواو ويقولون.
{افْتَراهُ} (38) أي اختلقه وابتشكه.
{إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتًا} (50) أي بيتكم ليلا وأنتم بائتون.
{إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} (61) أي تكثرون وتلغطون وتخلطون.
{وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ} (61) أي ما يغيب عنه، ويقال: أين عزب عقلك عنك.
{مِثْقالِ ذَرَّةٍ} (61) أي زنة نملة صغيرة، ويقال خذ هذا فإنه أخف مثقالا، أي وزنا.
{وَالنَّهارَ مُبْصِرًا} (67) له مجازان أحدهما: أن العرب وضعوا أشياء من كلامهم في موضع الفاعل، والمعنى: أنه مفعول، لأنه ظرف يفعل فيه غيره لأن النهار لا يبصر ولكنه يبصر فيه الذي ينظر، وفى القرآن: {فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ} (61: 21) وإنما يرضى بها الذي يعيش فيها، قال جرير:
لقد لمتنا يا أمّ غيلان في السّرى ** ونمت وما ليل المطيّ بنائم

والليل لا ينام وإنما ينام فيه، وقال رؤية:
فنام ليلى وتجلّى همّى

{إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا} (68) مجازه: ما عندكم سلطان بهذا، و{من} من حروف الزوائد، ومجاز سلطان هاهنا: حجّة وحق وبرهان.
{ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} (71) مجازها: ظلمة وضيق وهمّ، قال العجّاج:
بل لو شهدت الناس إذ تكموا ** بغمّة لو لم تفرّج غمّوا

تكمّوا: تغمّدوا، يقال تكمّيت فلانا أي تغمّدته، وقد كميت شهادتك إذا كتمتها، وفارس كمىّ وهو الذي لا يظهر شجاعته إلا عند الحاجة إلى ذلك.
{ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ} (71) مجازه كمجاز الآية الأخرى:
{وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ} (17: 4) أي أمرناهم.
{إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ} (75) أي أشراف قومه.
{أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا} (78) أي لتصرفنا عنه وتميلنا وتلوينا عنه، ويقال: لفت عنقه. كقول رؤبة:
يدقّ صلّبات العظام لفتى ** لفتا وتهزيعا سواء اللّفت

التهزيع: الدّق واللّفت: اللّىّ.
{قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ} (81) مجاز «ما» هاهنا: «الذي» ويزيد فيه قوم ألف الاستفهام، كقولك: آلسّحر؟.
{اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ} (88) أي أذهب أموالهم، ويقال: طمست عينه وذهبت، وطمست الريح على الديار.
{وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ} (88) مجازه هاهنا كمجاز اشدد الباب، ألا نرى بعده: {فَلا يُؤْمِنُوا} (88) جزم، لأنه دعاء عليهم، أي فلا يؤمننّ.
{فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ} (90) مجازه: تبعهم، هما سواء.
{بَغْيًا وَعَدْوًا} (90) مجازه: عدوانا.
{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} (92) مجازه: نلقيك على نجوة، أي ارتفاع ليصر علما أنه قد غرق.
{لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} (92) أي علامة، ومجاز خلفك: بعدك.
{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ}
{حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ} (96، 97) مجازه: المؤلم وهو الموجع، والعرب تضع فعيل في موضع مفعل، وقال في آية أخرى: {سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (22: 61) أي مبصر وقال عمرو بن معد يكرب.
أمن ريحانة الداعي السميع

يريد المسمع. ريحانة: أخت عمرو بن معديكرب كان الصّمّة أغار عليها وذهب بها، وقال أبو عبيدة: كانت ريحانة أخت عمرو فسباها الصّمّة وهى أم دريد وخالد.
{إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ} (98) مجاز {إلّا} هاهنا مجاز الواو، كقولك: وقوم يونس لم يؤمنوا حتى رأوا العذاب الأليم فآمنوا فـ {كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ}
وقال في ذلك [عنز بن دجاجة المازنىّ]:
من كان أسرع في تفرّق فالج ** فلبونه جربت معا وأغدّت

إلّا كنا شرة الذي ضيّعتم ** كالغصن في غلوائه المتنبّت

وقال [الأعشى]:
من مبلغ كسرى إذا ما جئته ** عنّى قواف غارمات شرّدا

إلّا كخارجة المكلّف نفسه ** وابني قبيصة أن أغيب ويشهدا

أي وكخارجة وابني قبيصة ثم جاء معنى هذا {فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها} (98) مجازه: فهلّا كانت قرية إذا رأت بأسنا آمنت فكانت مثل قوم يونس. ولها مجاز آخر قالوا فيه: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ} (96، 97) ثم استثنى منهم فقال: إلّا أن قوم يونس لمّا رأوا العذاب آمنوا فنفعهم إيمانهم فكشفنا عنهم عذاب الخزي.
ويقال: يونس ويؤنس كأنه يفعل من: آنسته.
{فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها} (108) مجازه: يضل لها أي لنفسه، وهداه لنفسه. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي يذكر فيها يونس عليه السلام:

.[سورة يونس: الآيات 2- 3]:

{أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (2) إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (3)}
قوله سبحانه: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} وهذه استعارة. لأن المراد بالقدم هاهنا: السابقة في الإيمان، والتقدم في الإخلاص.
والعبارة عن ذلك بلفظ القدم غاية في البلاغة، لأن بالقدم يكون السبق والتقدم.
فسمّيت قدما لذلك. وإن كان التأخر أيضا يكون بها، كما يكون التقدم بخطوها، فإنما سميت بأشرف حالاتها وأنبه متصرفاتها. وقال بعضهم: إيمانهم في الدنيا هو قدمهم في الآخرة. لأن معنى القدم في العربية: الشيء تقدمه أمامك ليكون عدّة لك، حتى تقدم عليه.
وقال بعضهم: ذكر القدم هاهنا على طريق التمثيل والتشبيه، كما تقول العرب:
قد وضع فلان رجله في الباطل، وتخطى إلى غير الواجب. ومعناه أنه انتقل إلى فعل ذلك، كما ينتقل الماشي، وإن لم يحرك قدمه، ولم ينقل خطاه.
وقوله سبحانه: {ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ} وهذه استعارة. لأن حقيقة الاستواء إنما يوصف بها الأجسام التي تعلو البساط وتميل وتعتدل. والمراد بالاستواء هاهنا: الاستيلاء بالقدرة والسلطان، لا بحلول القرار والمكان. كما يقال:
استوى فلان الملك على سرير ملكه. بمعنى استولى على تدبير الملك، وملك مقعد الأمر والنهى. وحسن صفته بذلك وإن لم يكن له في الحقيقة سرير يقعد عليه، ولا مكان عال يشار إليه. وإنما المراد نفاذ أمره في مملكته، واستيلاء سلطانه على رعيته.
فإن قيل: فاللّه سبحانه مستول على كل شيء بقهره وغلبته، ونفاذ أمره وقدرته، فما معنى اختصاص العرش بالذكر هاهنا؟ قيل- كما ثبت- أنه تعالى رب لكل شيء. وقد قال في صفة نفسه، رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ فإن قيل: فما معنى قولنا عرش اللّه، إن لم يرد بذلك كونه عليه؟ قيل كما يقال: بيت اللّه وإن لم يكن فيه، والعرش في السماء تطوف به الملائكة تعبدا، كما أن البيت في الأرض تطوف به الخلائق تعبدا.

.[سورة يونس: آية 10]:

{دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (10)}
وقوله سبحانه: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ} وهذه استعارة على بعض الأقوال.
كأنّ المعنى أن بشراهم بالسلامة من المخاوف عند دخول الجنة تجعل مكان التحية لهم. لأن لكل داخل دارا تحية يلقى بها، ويؤنس بسماعها. والسلام هاهنا من السلامة، لا من التسليم.

.[سورة يونس: آية 24]:

{إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهارًا فَجَعَلْناها حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)}
وقوله سبحانه: {حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها}. وهذه استعارة حسنة، لأن الزخرف في كلامهم اسم للزّينة واختلاف الألوان المونقة.
وقوله سبحانه: {أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها}. أي لبست زينتها بألوان الأزهار، وأصابيغ الرياض، كما يقال: أخذت المرأة قناعها. إذا لبسته. وتقول لها:
خذى عليك ثوبك. أي البسيه.
وقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} أي البسوا ثيابكم.
وقوله سبحانه: {فَجَعَلْناها حَصِيدًا}. استعارة أخرى، لأن الحصيد من صفة النبات، لا من صفة الأرض. والمعنى: فجعلنا نباتها كذلك. فاكتفى بذكر الأرض من ذكر النبات لأن النبات فيها، ومنشؤه منها.